بقلم / محمد ابراهيم
لا ريب في أن الظروف الراهنة التي تواجهها مصر دولة وشعباً وحكومة وأرضاً وديناً مستقبلاً وحاضراً وتاريخاً هي فى ظاهرها من أحلك الظروف التى واجهتها مصر فى تاريخها ؛ ولكن الحقيقة أنني أرى فى دماء الشهداء التى سالت بين يدي المولي عز وجل بمسجد الروضة بقرية الروضة بمدينة بئر العبد بمحافظة شمال سيناء دافعاً قوياً وحافزاً كافياً ليتشبث كلاً منا بموقعه على جبهة الحرب التى تخوضها مصر ضد قوي الشر الظلامية شعباً وحكومة ورئيساً وشرطة وجيشاً فما النصر كما قالت العرب إلا صبر ساعة فإصبروا إن نصر الله قريب ؛ وأني أرى فى استهداف المصلين الآمنين الركع السجود من جانب قوي الشر المدفوعة بدعم الحاقدين والطامعين والمضللين والضالين ما ينبئ عن أن هذه القوي قد وهنت وضعفت ودب الإنهيار فى أوصال بنيانها القائم على شفا جرف ، وأن بداية النهاية قد صارت قاب قوسين أو أدني ، ولعل عزائي وعزاؤنا قاطبة فى شهدائنا ان إستشهادهم لبشير إقتراب النصر ، ونذير لعنة الله على أعداء الدين والوطن وأعداء الإنسانية ممن حوت صدورهم غلاً للذين آمنوا وهم الأخسرين أعمالاً ، الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .
ولا شك عندي فى أن أصحاب الفكر التكفيري الذي إستحال فكرهم إلى إرهاب أسود فصار الإرهاب عقيدة ونهجاً وديناً وأسلوب حياة ؛ أقول أنه لا شك عندي ولا ريب أن ما أنجزته الحكومة المصرية مدعومة بثقة شعبية وعون جماهيري من منجزات واضحة على أرض الواقع خلال السنوات المنصرمة كان باعثاً على إثارة نيران الحقد والغل فى صدورهم ، وكان كافياً لإستثارة تاريخ وأصل وجذور الإستعلائية الحيوانية اللابشرية فى أعمق نقطة فى وجدان حلفاء الشيطان من زبانية إبليس أعداء الإنسانية جمعاء .
وفى سياق متصل وليس بعيدا عن نيران الحقد المتأججة فى قلوب وصدور أعداد الأمة المصرية ، فإن ما أنجزته قوات إنفاذ القانون من توجيه ضربات متلاحقة لخلايا الإرهاب الإخواني فى الداخل المصري ؛ وما إستطاعت الشرطة المصرية مدعومة بالقوات المسلحة أن توفره من قدر ملحوظ من الأمن والهدوء فى الشارع المصري ، وما أنجزته من استهداف وإحباط تحركات ومخططات التنظيم الإخواني وأشياعه الرامية الى إشاعة الفوضي وضرب الإستقرار وبث الروح الإنهزامية وكسر إرادة الأمة المصرية والتشفي فيها ، أقول أن هذه المنجزات الأمنية المتلاحقة كانت جديرة بأن تدفع قوي الشر التكفيري دفعاً نحو نزعها الأخير بأن تفصح عن مكنون مرادها ومستور مرامها بأن يسيل الدم المصري الطاهر على أرض الله الطاهرة ؛ وإذا كان هذا الإرهاب الأسود يظنه إنتصاراً على الدولة المصرية حكومة أو شعباً فإنه وحق الله لا أري فيما حدث إلا نصراً مؤذراً فى حربنا الضروس على الفكر التكفيري والتكفير الفكري فلا ريب أن ما أتته يدالإرهاب الأثمة من إستهداف المصلين بين يدي ربهم هو ما يعد إسقاطاً لآخر وريقات التوت التى كانت الأفكار التكفيرية تستر به عورتها سواء كان الأمر متصلاً بالأخوان أو الدواعش أو التكفيرين أو الجهاديين أو غيرهم من ذوي اللحي المستعارة والعبارات الرنانة وإني لأجد فى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ما يشفي غليل قلبي مما أتته أيادي الآثمين بإستهداف بيت الله وضيوفه من المصلين ، ولما لا ؟! ألم يحدثنا رسول الله عن أولئك الذين نحقر صلاتنا إلا صلاتهم ونحقر صيامنا إلا صيامهم … والذين وصفهم المصطفي عليه صلاة الله وسلامه ( يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ) .
وعودة مرة أخري الى الحرب الضروس التى تدور رحاها تارة فى ظهور وجلاء ، وتارة فى إستتار وخفاء بين الدولة المصرية وبين قوى الشر الظلامية التى إستطاعت صقور المخابرات العامة المصرية فى أخر صفحاتها المضيئة أن تنقض من علياء سمائها لتلتقط إحدي الأفاعي السامة القاتلة بالقبض على أكبر شبكة تجسس تركية على الأراضي المصرية والتى كانت تزاول أعمال الجاسوسية الدنيئة على الأراضي المصرية لصالح تركيا … أقول أن مصر إذن تمارس دوراً عظيماً فى الذود عن العالم أجمع ضد مخطط شيطاني تضافرت فيه كل القوي الحاقدة على مصر والطامعة فيها من أجل كسر إرادتها وإحباط عزيمتها والوقوف حائلا بينها وبين تبؤ مكانتها الحقيقية .
إن هذه العدائيات التى تواجهها مصر فى الداخل المصري لا يمكن النظر إليها بمعزل عن الخريطة الاقليمية ، فما يحدث فى مصر ليس مستقلاً عن ما يحدث فى العالم أجمع بصفه عامة ؛ وعن ما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص ، فهذه الطوائف التكفيرية والجهادية والإرهابية ذات الأصل الأخواني التى تستلهم دينها وشرعتها من تفكير أسلافهم من الخوارج والمنافقين قد بدت أيات إندحارهم فى العراق والشام تجلو وتنجلي ، فلقد إستطاعت القوات العراقية النظامية والقوات السورية الرسمية أن تحقق إنتصارات بالغة ومؤزرة على قوي الشر من الظلامين والتكفيرين وأن تسحب البساط من تحت أقدامهم سحباً يبشر بقرب إنتهاء غمة إخواننا من العرب فى الشام والعراق ، وينذر بأن لعن الله على الكافرين .
وإزاء هزائم تنظيم الدولة التكفيري وأشياعه المتلاحقة على أرض العراق والشام فإن النتيجة الطبيعية لذلك هو إنسحاب فلول هذا التنظيم الى الجنوب وتحديداً إلى ( سيناء ) وذلك لإعتبار طبيعة مسرح العمليات على أرض سيناء من وجود مساحات شاسعة غير مأهولة فضلاً عن الطبيعة الجبلية والصحراوية التى تسبه الى حد بعيد مسرح العمليات الأفغاني فى ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ؛ وهذا الإنسحاب الحتمي يتزامن ويتواكب مع تحالف ( تركيبا ـ قطر ـ طره ) نعم أنا أعني ما أقول وأقول ما أعني فهؤلاء القابعين خلف أسوار سجن طره باعتبارهم رؤوس محور الشر في الداخل المصري يوجد حلف ظاهر ضد الدولة المصرية بينهم وبين أفكارهم الخبيثة وأحلامهم المريضة مع خزينة الدولارات المعروفة بإسم ( قطر ) التى توفر لهم ولأذيالهم وأشياعهم من زبانية الشيطان من التكفيريين على مسرح العمليات السيناويِ بصفة خاصة الأموال اللازمة لتدبير الأسلحة والعبوات الناسفة وعربات الدفع الرباعي والرشاوي اللازمة لشراء ذمم خربي الضمير من العملاء والخونة ؛ وعلى الجانب الآخر من التحالف توجد ( تركيا ) التى إستغلت حكومتها الخبيثة كل مقدرات الشعب التركي وإمكانيات الدولة التركية فى سبيل توفير الدعم اللوجستي والإستخباراتي والمعلوماتى للقوي الإرهابية التكفيرية فى مصر بصفة عامة وعلى مسرح عمليات سيناء بصفة خاصة .
وإزاء هذا الوضع المعقد بالغ التعقيد فإن الدولة المصرية فى هذه الحرب تتحمل وحدها عبء الدفاع عن العالم أجمع ضد غزاة الحضارة وأعداء البشرية الذين حرفوا دين الله عن مواضعه ؛ ولم يأخذوا من كلام الله خير جوامعه ، فلقد وجد هؤلاء التكفيريين ضالتهم فى مشايخ التكفير والفتنة من أمثال القرضاوي وتليمه ونهج حسن البنا الفاسد وطريق سيد قطب الذي رسمه فى ” معالم على الطريق ” ؛ بل إن للأمر بعد تاريخياً أعمق وأشمل من هذا البعد الظاهر فالخوارج كانوا تكفيريين يستحلون دماء خلفاء المسلمين وصحابة رسول الله تعالي الكرام الذين قال فيهم ( أصحابي كالنجوم بأيهم أقتديتم إهتديتم ) ، إستحلت دماء المسلمين وجميعهم ربط بينهم فكراً واحداً وعقيدة واحدة فكراً يقول أنهم دون غيرهم الطائفة الناجية وعقيدة أسموها البراء والولاء وحرفوها عن مقصدها الشرعي الذي عناه شراح الفقه وفقهاء العقيدة ، فصار من عداهم كافراً يستحق الموت ولو كان مسلماً ولو كان مؤمناً ولو كان يصلي فى بيت الله .
وأنني لأشكر أهلي وحماة وطني رئيساً وجيشاً وأجهزة أمنية وأثني عليهم ثناءهم أحق به من غيرهم بإعتبارهم خط الدفاع الأول عن البشرية ضد هذه الهجمات البربرية على الإنسانية وما أشبه اليوم بالبارحة حين تبوأ سيف الدين قطز عرش مصر فإستطاع بدعم شعبها وجيشها فى ظروف دولية معقدة وظروف سياسية بالغة التعقيد وظروف إقتصادية وإجتماعية كانت الأسوأ فى تاريخ مصر أن يكسر الصف التتاري وأن يصد غارات المغول عن العالم أجمع حين إلتقي الجمعان فى عين جالوت فيما يلي العريش فأمن العالم من بعد خوف وهدأ من بعد روع .
ولا ريب أنه يبقي رغم ذلك عدد من الإجراءات والأمور التى يتعين أن تتخذها الدولة المصرية فى سبيل إعادة تنظيم الجبهة المصرية تنظيماً يتواكب مع المعركة القادمة والفصل التالي من فصول الحرب على الإرهاب سواء على الساحة الداخلية أو على الصعيد الخارجي ؛ فلابد الآن أن يدرك الشعب المصري فرداً فرداً أن يعي حقيقة وأبعاد الحرب التى تخوضها مصر وأنها حرب حقيقية حتى ولو كان الظاهر للوهلة الأولي هدوء نسبي وإستقرار نوعي ولكن الحرب الحقيقية تدور رحاها فى صمت أو على الأقل تدور رحي الجزء الأكبر منها فى إستتار وخفاء ، فهي حرب من نوع خاص وبأسلوب خاص تديرها وتخطط لها بالدرجة الأولي أجهزة إستخبارات ومنظمات دولية إرهابية فمن ثم فعلي المصريين أن يحبطوا المخططات العدائية المستهدفة وبالدرجة الأولي عليهم أن يضعوا ثقتهم فى حكومتهم رئيساً وجيشاً وأجهزة أمنية ساهرة على صون شرف المصريين وعرضهم .
ثم يلي من بعد ذلك حتمية قيام الجيش المصري مدعوماً بالمخابرات العامة المصرية وبالتنسيق مع الدول الحليفة والمتضررة من الإرهاب التكفيري والتكفير الإرهابي وأخص بالذكر دولتي سوريا والعراق الشقيقتين بنقل مسرح العمليات خارج القطر المصري وإستهداف معسكرات تدريب الإرهابيين وخطوط إمدادهم على أرض العراق والشام وتوجيه ضربات جوية إستباقية على الأهداف المحددة ؛ وإذا لزم الأمر إنزال قوات برية لتنفيذ عمليات وقائية فعلي صانع القرار المصري أن لا يتردد فى هذا الأمر ولو للحظة ؛ وأقول أنني ومن خلفي ملايين الشباب المصري على إستعداد تام بالإنضمام لصفوف الجيش وأن أبذل دمي رخيصاً فداء هذا الوطن وأن أقف فى الصف جندياً يحمل السلاح فى سبيل صون كرامة بلاده .
وأخيرا فإن ما تبذله القيادة المصرية السياسية من جهود حثيثة فى سبيل إستجداء الشرفاء فى جميع أنحاء العالم للوقوف فى وجه أعداء الإنسانية والتحضر والحضارة هو جهد مشكور ويجب أن يستمر بل وأن تزيد الجهود المبذولة على هذا الصعيد إنتهاء إلى توسيع قاعدة التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب وأن تكون مشاركة هذه الدول المتحالفة هي مشاركة حقيقة وفاعلة ومقرونة بخطوات واقعية على الأرض .
يبقي بعد ذلك أن أعيد ما ألمحت إليه فى بداية المقال من أن شهداء مصر الأبرار الذين سالت دماؤهم على أرض بيت من بيوت الله تعالي فى مديئة بئر العبد هو تأكيد على أن أعداء الوطن يألمون ويتقرحون غيظاً ويموتون كمداً من إنتصارات مصر المتوالية وعلو همتها ورفعة رايتها وأنهي مقالي هذا بأنني على يقين من أنه ” سيهزم الجمع ويولون الدبر ” .
“بل الساعة موعدهم”
” عاشت مصر … حفظها الله وحفظ الله شعبها